يعتقد البعض أن قصة رابعة العدوية الحقيقة هي التي أنتجتها السينما، لكن تعتبر الرواية مستوحاة من قصتها والأحداث غير متشابهة بنفس القدر فقد تم إضافة أحداث ليست موجودة في القصة الحقيقية.
وبسبب اختلاف المؤرخون تختلف الروايات حول القصة الحقيقية، ففي قصة السينما تم تصوير شخصيتها بصورة خاطئة، ولأهمية قصة رابعة العدوية نجدها محفورة في الذاكرة لأنها أفضل مثال عن التوبة والرجوع إلى الله وحسن الخاتمة.
قصة رابعة العدوية الحقيقية
النشأة..
-ولدت رابعة العدوية في العام 100 هجري في دولة العراق، وقد نشأة في عائلة فقيرة ولها أربع خوات، وهي الأخت الرابعة ولذلك أطلق عليها اسم رابعة، وكان أبوها رجل مريض رباها تربية صالحة وعلمها تعاليم الدين.
-وكان لدى رابعة فطرة دينية سليمة منذ طفولتها، ففي أحد الأيام سألها أبوها كيف نستطيع تحمل الفقر، قالت: تحمل الفقر يا أبي أهون علينا من عذاب النار.
-توفى أباها وهي لم تتجاوز العاشرة، وبعد وفاة أبيها، عاشت رابعة مع أمها وخواتها، وبعد فترة انتشرت المجاعات في البلاد وتوفت الأم، فاشتدت الرياح العاصفة فقد أصبحن أربع بنات دون مأوى يتيمات، فبدأت رابعة بالبحث عن عمل لإيجاد لقمة العيش،
-لكن كانت العاصفة أشد حدة، فقد قام مجموعة لصوص بخطف رابعة وبيعها فأصبحت من الرقيق، وأصبحت رابعة خادمة في البصرة، وكان لديها مظهر جميل، وصوت رائع وكان العرب في تلك الفترة متأثرين بالفرس والغرب فقد امتلأت حياتهم باللهو والغناء والرقص.
-ولأن رابعة تمت ذلك الصوت الرائع أصبحت تغني في المجالس فذهبت بها الرياح لمكان بعيد عما نشأت عليه من تعلق بالدين وتعاليمه، فقد كانت الأمة التي تنصاع للأوامر دون حق في الاعتراض، وقد شغف بها العديد من الملوك والأمراء، لكن حياة اللهو هذه لم تجعلها ترتكب الفاحشة، فقد كانت حياتها مقتصرة على الغناء.
الرؤية الصالحة..
وفي ليلة من الليالي ذهبت رابعة للنوم بعد أن أنهت عملها، فراودها حلم غريب..
-رأت أنها تسبح في بحر لجي، ثم رأت ضوء ينير لها وصوت آتٍ من بعيد يقول لها: عودي إلى رشدك، عودي للطريق الصحيح، طريق الحق. استيقظت من نومها فزعة، وخرت عيونها بالبكاء، رق قلبها للقرب من الله،
-بدأت تجهش بالبكاء لعل هذا يكفر عن ذنبها الذي انغمست به وأنساها ذكر الله.
-ذهبت لشيخ وقصت عليه الحلم، قال لها إن هذه رؤية صالحة عليك بالعودة لرشدك ولا تكوني ظالمة لنفسك باتباع الشهوات وملاهي الحياة.
-عادت إلى القصر فرحة تدعو الله أن يثبتها على الحق وينصرها على ما تنوى فعله، ذهبت تناجي ربها أن يقبل توبتها ويعفو عنها، وعندما جاء موعد الغناء، أبت ورفضت أن تغني، وظلت صامدة ورافضة للغناء،
-كانت تصلي وتدعو الله أن يستخرجها بقدرته من حياة اللهو، ويحررها من حياة الرق والعبودية.
-في إحدى الليالي وهي ساجدة تبتهل إلى الله وتجهش بالبكاء، وتقول يارب يارب.. سمع بكائها وليها فتأثر ببكائها ورق قلبه لها رغم أنه غير ملتزم في أمور الدين، فسألها ما بك؟
-وعندما قصت عليه ما حدث معها، وعن رغبتها في ترك اللهو والغناء، والانصراف عنها للتفرغ للعبادة، قال لها: لكِ ما أردتِ اذهبي أنت طليقة حرة.
-انتعش فؤادها بما سمعته، فخرت ساجدة تحمد الله أن هداها بقدرته لطريق الخير، وجعل وليها يعتق رقبتها بقدرة الله عزّ وجل.
حياة الزهد..
-فباتت ليلها ونهارها ساجدة عاكفة عابدة لله دون أنقطاع لتكفر عن ذنوبها، طالبة من الله أن يغفر لها، وحامدة وشاكرة لله أن منّ عليها بحُسن الختام، والعمل الصالح.
-عاشت حياتها بعد ذلك زاهدة لا تفعل شيء سوى العبادة، ولا تأكل من الطعام سوى الخبز والقليل من الماء.
-وفي أحد الأيام دخل عليها لص فلم يجد إلا إبريق فعندما همّ للرجوع وهو يجر خيبته، قالت له: خذ هذا الإبريق، قال وماذا أفعل به؟ قالت: توضأ وصلي لله وإن شاء لله سيرزقك.
-وقد وهبت حياتها لله دون التمتع بأي متاع في الحياة، فقد تقدم الحسن البصري لخطبتها، فرفضت، وظلت عذراء.
-وكانت تكتب الشعر والمديح الذي تصف به علاقتها مع الله ومدى حبها لله، فحصد الشعر العربي أجمل الأبيات في شعر الزهد.
-فقد أصبحت رابعة من أهم شعراء الزهد والتصوف، وشعر مديح رسول الله..
ومن أجمل أشعارها قولها في حب الله:
أحبّكَ حُبَّينِ حُبَّ الهَوى وحُبّاً لأنكَ أهْلٌ لِذَاكَ
فَأمَّا الذِي هُوَ حُبّ الهَوى فشُغْلِي بذكرِكَ عمَّنْ سِوَاكَ
وأمَّا الذِي أنْتَ أهْلٌ لَهُ فكَشْفُكَ لِي الحُجْبَ حتَّى أرَاكَ
ومن الأعمال التي شيدها التاريخ كذكرى خالدة ل قصة رابعة العدوية:
-جامع رابعة العدوية في مصر.
-ميدان رابعة العدوية.
-فيلم رابعة العدوية.
شـاهد أيضاً..
نساء عظيمات في التاريخ الإسلامي