مما يبدد الزواج – تدخل طرف ثالث

مما يبدد الزواج – تدخل طرف ثالث في منظومة الزواج، إن علاقة الزواج من أسمى العلاقات، التي أوجدها الله – جلَّ شأنه – على الإطلاق، فهو علاقة تعتمد في تكوينها على الترابط، والمحبة، والود، والتفاهم، والتناغم، والمرح، والسعادة، والسمو، والتضحية، والأمان، والاحتواء، والرحمة، وما إلى ذلك من مشاعر غاية في الرقي، فينبغي السعي بجدٍّ من قِبَل الزوجينِ، من أجل السمو بعلاقتهما الزوجية المطهرة.

الأصل في الحياة الزوجية

لما أوجد الله – سبحانه وتعالى – الزواج، جعله ليكون بين زوجين، أي اثنين، رجلٍ، وامرأة، ومن هنا، فالحياة الزوجية تعني انتقال كل من طرفي الزواج، من المحيط الأسري، الذي قضى فيه طورًا، لا يمكن الاستهانة به من حياته، كي يكونا معًا حياةً مستقرةً، بعيدًا عن حياتهما السابقة.

وليس المقصود من ذلك الانعزال عن أسرة كلٍّ من الزوجين، وإنما المغزى هنا هو الاستقلال الفكري، والشعوري، في كل ما يخص العلاقة الزوجية، مع ضرورة الارتباط وثيق الصلة بأهل الشريكين، والحفاظ على الانخراط فيما بينهم.

إذًا فالأمر بحاجة إلى حسم الموقف، والتفريق فيما بين ما يخص الزوجين، وهو ما لا يحق لأي طرفٍ ثالث التدخل فيه، بأي شكلٍ من الأشكال، والانخراط الاجتماعي، والأسري، الذي يضمن المشاركة الاجتماعية، والوجدانية للأهل.

فما أوجد الله العلاقة الزوجية؛ ليتدخل فيها طرف غير الزوجين، وإلا ما أطلق عليها الحياة الزوجية، دعونا نستكشف سويًّا: مما يبدد الزواج _ تدخل طرف ثالث.

مما يبدد الزواج _ تدخل طرف ثالث

مما يبدد الزواج – تدخل طرف ثالث في الزواج، دون مراعاة خصوصية لطرفي العلاقة الزوجية، الحق أن من أكثر المشكلات الشائعة، والتي تكدر صفو الزوجين، تتمثل في تدخل طرف ثالث بين الزوجين، سواء أكان هذا الطرف من أهل الزوج، أو من أهل الزوجة، على حد السواء.

فالأصل في الزواج أن يكون الزوجان مسئولين معًا عن مسار حياتهما، دون وجود لأي طرف ثالث، حيث يتوجب على كل من الزوجين المناقشة البناءة فيما بينهما، والإصرار على المحاولة الجادة في الحفاظ على أسرار حياتهما، في إطار يحفظ لهما خصوصية علاقتهما ببعضهما البعض.

كما ينبغي أن يتفهم الشريكان جيدًا أن علاقتهما لا تخص سواهما، فإن نجحا معًا في تحقيق الخصوصية الحياتية، والاستقرار الأسري، فسيجنيان معًا حياةً تفيض بالسعادة، وتغمر بالبهجة.

الآثار السلبية الناجمة عن تدخل طرف ثالث في الزواج

إن تدخل طرف ثالث بين الزوجين، له عواقب وخيمة، تضر بهما، تؤثر على استقرار حياتهما، وعلاقتهما ببعضهما البعض، على المدى القريب، وتتفاقم هذا الأضرار بمرور الزمن، مما يعوق التفاهم بين الزوجين، ويؤثر على علاقتهما لا محالة.

فطالما أن الزوجين لا يسمحان لأحد من الأهل بالتدخل فيما بينهما، فهما قادران على قيادة مركب الحياة الزوجية، وحريصان كل الحرص على إبقاء مشاعر الاحترام المتبادل، والسمو الفكري، والتناغم الأسري، والمودة، والصفاء بينهما، أما إذا حدث أن تدخل طرف ثالث بينهما، فهنا تكمن المشكلة، حيث يبدأ كلٌّ من الزوجين بكشف ستر شريكه؛ نظرًا لما يلاقيه من عدم إنصاف في سرد المشكلة، وعدم حرص على الخصوصية بين الشريكين؛ مما يدفع كل طرف إلى إبراء ذاته، واتهام شريكه، دون رحمة.

وبالتالي، في كل مرة تحدث مشكلة، ويدخل أحد الأطراف، ينقطع خيط رفيع، من تلك الخيوط التي تقوم عليها معايير الزواج السعيد، ويفقد كل من الزوجين احترامه للآخر، وعدم الثقة في قدرته على قيادة زمام الأمور بنفسه، مما يجعل الحياة الزوجية تحول عن الهدف الأسمى التي جُعِلَتْ لأجله.

ناهيك عن أن ثمة بعض الأطراف ممن يتدخلون بين الزوجين، لا يشرعون إلى إصلاح العلاقة بين الزوجين، ومناقشتهما بضرورة إدارتهما لحياتهما، بحلوها، ومرها، بل ترى في كثيرٍ من الأحياء، من يقلب الطاولة بغير وجه حقٍّ، إما على الزوج، من أهل الزوجة، وإما على الزوجة من أهل الزوج؛ مما يجلب الكدر، ويخلق المشكلات، وعدم التفاهم، والشك بين الزوجين.

المشكلات وتعزيز العلاقة الزوجية

  • طبيعة الرجل والمرأة في حقيقة الأمر ليست واحدة، فتكوينهما مختلف، وتربيتهما مختلفة، وتفكيرهما مختلف، مما يجعل الاصطدام ببعض المواقف، والمشكلات الحياتية أمرٌ محتمل الحدوث بلا شك، وبالتالي فالتعامل بإيجابية مع المشكلات، يجنب من تفاقهما، كما يحل عقدةً، تمكن من فهم كلا الزوجين للآخر أكثر، فلماذا ننظر إلى المشكلات بسلبية؟ ولا نركز على فاعليتها فهم كل طرف للآخر؟
  • الحوار المستمر بين الزوجين يمكنهما من استيعاب، واحتواء طريقة تفكير بعضهما البعض، بعكس السماح بـ: تدخل طرف ثالث بينهما، والذي لا يمنحهما أية فرصة للتجاوب فيما بينهما، ويحرمهما من المشاعر الفياضة بعد كل صلح يعقب مشكلة بينهما.

إقرأ أيضاً: كيف تتعاملين مع الزوج عديم المسؤولية؟

متى يجب تدخل الأسرة؟

بعض المشكلات الزوجية تتطلب وقفةً حازمة، ولا بد فيها من تدخل الأهل، على سبيل المثال، لا الحصر:

  • تكرار السب والإهانة: إسلامنا دينٌ فاضلٌ يدعو إلى الفضيلة، والخصال الحميدة، ويبغض أي سلوك سيئ، وصفات غير لائقة، فما بالك بأسمى علاقة على وجه الأرض؟ لا بد أن تقوم على كل ما هو قويم؛ لتحقيق الأهداف المنشودة منها، ومن هنا، فلا بد من وقفة حازمة في حالة السب والإهانة المؤذية، والتعبير القاطع عن عدم تقبلها، أو السماح بتكرارها، وفي حال تكرار ما يؤذي أي من الشركين، دون كف عن الإيذاء، أو احترام لمشاعر الآخر، يلزم تدخل الأهل؛ لحزم الموقف.
  • الضرب المبرح: من الأمور التي لا يمكن الاستهانة بشأنها، والتي تستدعي تدخل الأهل، والقطع في عدم تكراره بأي حالٍ من الأحوال.

إليكِ يا من تتسمين بالعاطفة، كوني خير معين إلى زوجك؛ من أجل حياة أكثر استقرارًا، ولا تسمحي إلى أي أحد بالتدخل فيما بينكما؛ حتى لا تحدث فجوة، يزداد عمقها، كلما تدخل أحدٌ بينكما، وكدر صفو حياتكما.

إليك يا مَن تتسم بالقوامة، كن قائد سفينة حياتك الزوجية، ولا تسلم قيادتها إلى غيرك، حتى لا تتهتز صورتك، ورجولتك، كن أنت القائد المتمكن من تسيير السفينة في الوجهة التي ترغب فيها.

إقرأ أيضاً: فن التسامح بين الزوجين

الحذر من الوشاة، الحذر من تدخل طرف ثالث بينكما، فقلما حرص على الإصلاح بينكما، وإن كان، فستهتز ثقة كلٌّ منكما بالآخر، ولن ينظر إليه على أنه كفء، متمكن من حل مشكلاته بنفسه، احرصا على حياةٍ أفضل، فهي حياتكما أنتما، لا حياة طرفٍ ثالث، ابحثا سويًّا عن سبيل السعادة، والهناء.

اقرأ أيضًا..

Scroll to Top